الثلاثاء، 31 يوليو 2012



ما أجمله قلبٌ .. يحمل هَمّ أخيه

بهذا النشيد يختم برنامج خواطر حلقاته اليومية في موسمه الثامن هذا العام ..
" خواطر " برنامج أحكم قبضته في نفوس المشاهدين صغارا و كبارا .. و فاق حجم تأثيره حجم متابعيه من شتى بقاع الأرض .. و حجم تجواله من أقاصي الشرق حتى الغرب .. ينشر الإحسان و مباديء الإسلام ويستعرضهما وفق عادات وتقاليد كل المجتمعات العربية والغربية بجميع دياناتها على حد سواء ..
طيلة المواسم السبعة الماضية ما فتئ الشاب " أحمد الشقيري " يرسّخ معنى الإحسان والعطاء عبر نماذج استعرضها لنا مما توفره الدول الأخرى لشعوبها  من تسهيلات و خدمات على مختلف طبقاتهم و فئاتهم ..
برنامج خواطر و في موسمه الثامن لهذا العام ظهر لنا بصورة مغايرة عن المواسم السابقة .. طلّ علينا بحلة جديدة أدهشت حتى الشباب الذين شاركوا الشقيري " إحسانه " .. فبعد أن كان هو الملقّن و المعلّم ها هو اليوم يحصد ما زرعه طيلة أعوام مضت .. فكانت النتيجة حصاد أعجب زارعه ..
مع بداية الحلقة الأولى كانت تباشير الإحسان تشرق على محيّا الشباب الذين تطوعوا لإغاثة إخوتهم داخل بلدانهم و خارجها .. لم يلقوا بالا لحر و قيظ .. ولا مشقّات وصول أو ندرة ماء .. فكان همهم الوحيد هو العمل التطوعي لرسم ابتسامة على وجوه الغير وتمتمة دعاء ..
استطاع الشقيري أن يزرع في نفوس الشباب حب العمل و إعانة المحتاج ولو كان ذلك عبر ميزانية مالية محددة و ساعات عمل مقننة .. و لم يكن القصد منها اختبارا للسرعة أو تنافس لمجرد السباق قدر ما هو سباق لإتقان الإحسان و كسب الأجر من الله ..
رسالة الشقيري هذا العام وصلت واضحة و لا أجد لها وصفا مناسبا غير عبارة ( أطلق الإحسان الذي بداخلك ) ..
نعم .. أحسن الشقيري في عمله .. و أحسن الشباب لهمّتهم  بتسخيرها في إسعاد الغير ..
حقاً .. ما أجمله قلب يحمل هَمّ أخيه ..







الجمعة، 25 مايو 2012

حدث ذات مساء





توجسّت منها خيفة و جفلتُ رعبا .. فكيف بي أتمنى الشيء و في غمرة حنيني إليه ويأسي من حصوله يولد ويحدث ؟؟ .. وكيف بها تسمع نداءاتي و تستجيب لها رغم غياهب الأمكنة و عباب الأزمة و حضارات من الجهل و متاهات حكايات زائفة .. تأتيني فجأة وفي جنح الظلام ؟؟.. هكذا .. بلا موعد .. بلا إشارة و بلا قرع على الغمام ..
لم تترك لي مجالا للسؤال .. ولا فَسحة من التعريف .. طوتني كطي الندى لورقة خريف و أذابت نُدف بردي و صقيع خوفي بنارها اللظى ..


بعض من .. ( حدث ذات مساء) ..
قريبا في كتاب ..

كلاكيت آخر مرة




استوقفه ذاك الساكن في تلك الزاوية من الحجرة وقد علته الأتربة ..
سار بضع خطوات نحوه .. ألقى عن ظهره جرابه و رمى به على المقعد أمامه ..
أشعل سيجارته بومضة لهب ولثمها برقة عاشق ثم نفثها عن صدره دوائر لا متناهية من دخان سرى سحابا
 في الأرجاء ..


بعض من قصة ( كلاكيت آخر مرة) ..
قريبا في كتاب ..

الثلاثاء، 22 مايو 2012

المعطف الرمادي





داعب الهواء رمشها  فسافر بها إلى السماء ..  شاهقة مثل أمنية .. ساحرة تشبه الحلم .. غشاها السحاب فكَنّ بريق العَسجَد .. اختبأت هناك شمسها .. يعانقها معطف رمادي من غزل الغيوم ..
اغتسلت بماء المطر وكساها الريح عطرا ..
" نهار بلا شمس لا حياة فيه .. سأكونُ اليوم شمسك يا سماء .. " ..
غادرت شرفتها لتعد نفسها لنزهة ملؤها فرح ..


بعض من قصة .. ( المعطف الرمادي ) ..
قريبا في كتاب ..

قالت لي العصفورة



" ليتها القاضية " .. قالها يوما بصوت خافت لا يسمعه غيره .. في لحظة انكسار لقوة رجل كان يوما بكامل صحته .
لحظة بوح كانت قيد الكتمان الذي لم يستشعره سواها ..
هي .. فقط هي .

بعضٌ من قصة .. ( قالت لي العصفورة ) ..
قريباً في كتاب ..



الهدية





آلهديــــة


مدت يدها من تحت الغطاء بتثاقل لتسكت جرس المنبه ،، لطالما أرادت أن تستبدله بآخر لرنينه المزعج فكأنه صوت أداة حفر يكاد يخرق أذنيها ،، كما تحب أن تصفه ،، أزاحت الغطاء عن وجهها وعينيها نصف مغمضتين ،، تشعر بكسل شديد وعدم رغبة بمغادرة السرير ..
استلقت قليلا وراحت تفكر كيف تقضي يومها ..
و سرعان ما قررت ،

جلست على مقعدها في السيارة تتأمل الناس والشوارع وهذه الحياة ..
استحضرت تجربتها العاطفية الفاشلة وكيف خرجت منها كسيرة القلب ولكن أكثر نضجا وقوة ،،
إنه الحب الذي طالما أرادته يزور قلبها ،، وما أن عاشته حتى غيرها وبدّل حالها ،،
شعورها بالشوق واللهفة صاحبها أم كلثوم وهي تغني " سيرة الحب .. انت عمري .. أنساك يا سلام ؟؟ " ،، وفجأة تحول بها إلى " حب إيه الي انت جاي تقول عليه ،، اسأل قلبك " ..
تحول كبير من أغاني الشوق والوعود إلى أغاني الوداع والهجر ..
عجيب أمر هذا الحب ،، هذا الزائر ،، ما أن يأتي حتى نرى الدنيا من خلاله بمنظار مختلف .. وردي أكثر صفاءا ورونقا ،، وفي بعض الحالات نكتشف بأنها مجرد أوهام ،، وعود زائفة ،، كمن يبحث عن الماء عطشا وما أن يلمسه حتى يسيل من يديه ،، ويصحو على سراب ،، مجرد سراب ..

هي وحيدة وتعرف أنها مهما كابرت وتمردت وأنكرت حاجتها للرجل لكن عبثا تحاول ،، فستبقى الأنثى التي بحاجة الرجل في حياتها ،، الحبيب والصديق والأخ والأب والطفل ،، رجل تراه في كل الناس لكنه ليس مثلهم ،، سيكون الأفضل والأعلى و الأجمل .. و الرجل الحق .

" قد شفيت منك وتبت عنك وها أنا أناديك مرة أخرى ،، يا للعاطفة ويا للرومانسية ويا للأنثى"

توقفت بها السيارة عند أحد المراكز التجارية ،،
استوقفها ازدحامه الشديد في هذا الوقت من النهار ،، الكثير من الفتية والفتيات و محلات الهدايا تعج بالبالونات الحمراء والقلوب ،، ما الذي يحصل ؟؟ ..
بومضة ،، تذكرت بأنه يوم الحب ..

دخلت أحد المحلات وراحت عيناها تجولان في المحل وكانها طفلة تتعرف على الحياة لأول مرة .
قلوب ،، شموع ،، بطاقات ،، شرائط حمراء ،،
أحمر أحمر أحمر ،، الأحمر في كل مكان.
وقع اختيارها على قلب أحمر صغير و شمعة عطرية ،، وبطاقة في منتهى الرقة كتب فيها :
" I love you .. Because of you "

قامت بلف الهدية بشريط أحمر صغير ..
كتبت داخل البطاقة جملة واحدة فقط ..
" حبيبي ،، أهديك الحب ،، وأهديك الضياء ،، وأهديك كل حياتي "

خرجت من المحل تحمل الهدية وقلبها يتراقص من الفرح ..
لا تعرف لمن ستهديها ،، لكنها متأكدة بأنه لابد قادم إليها ..

هالة من الضوء ومضت بين الناس ..
لمعت عيناها ..
خفق قلبها ..
ابتسمت في حياء ..
؟؟؟



* كتبتها عام 1999 م

لم يحن الوقت بعد




" عمري الذي مضى .. أعتذر منك لأني لم أحياك كما ينبغي .. فقد سمحت لليأس أن يُغرقني ولم أدرك بأن الأمل طوق نجاتي .. و سمحت للحزن أن يبكيني أحيانا رغم يقيني بأن ابتسامتي وحدها كفيلة بأن تفتك بأشد الأحزان ضراوة .. و فتحت للمرارة ألف باب متناسية بأني لو واربتُ نافذة إيمان واحدة فسيأتي الحلو على مفارش الغمام .."



* بعضٌ من قصة "لم يحن الوقتُ بعْد " ..
قريبا في كتاب..

القبو



" باغتتها الطفلة بسؤال شقي " ما الذي خلف الباب يا خالة ؟ كنز ؟" ..
ابتسمت لها العجوز وبصوتها المرتجف قالت " هناك .. قبو " .
اندهشت الصغيرة وحملقت كثيرا في ذلك الباب .. : " قبو ؟؟ .. ماذا هناك في ذلك القبو ؟؟ " .
لم تجبها العجوز وآثرت الصمت ..
حملت كيس الورق وما احتواه قاصدة ذلك الباب الخشبي المهتريء .. وبهدوء شديد فتحته وغابت خلفه .. غادرت الصغيرة تلك الحجرة يسابقها سؤال غلّفت العجوز جوابه بدرفة باب ".



* بعضٌ من قصة " القبو " ..
قريباً في كتاب ..

الأحد، 20 مايو 2012

متى ستشرق ؟؟ ..




*

لم يكن صدفة هذا اللقاء ..كان لحكمة لا أعرف ما هي .. وإن كان صدفة .. فقد تكون أروع صدفة رتبها لي الزمن ..

كنت وحدي في ليل طويل كعادة لياليِ الموحشة .. تجر عقارب ساعتي أذيالها في دورة رتيبة كرتابة أيامي ..أعد خطواتي فوق رصيف شارع ضيق .. أراقب وجوه الناس وأستشف حكايات من حكاياتهم .. عندما وقعت عليك عيناي ..
دفعني شيئا ما نحوك .. تملكني إحساس غريب .. صارتا عيناي تجولان في عالمك .. تبحث عن مرسى لها في ساحلك .. وفي ذلك الركن البعيد من شاطئك الصاخب .. نصبت مظلتي .. وأقمت ..
كنت خائفة منك ومندفعة إليك .. كأنني أصارع أمواجا هائجة تريد أن تطيح بي في فوهة الحب .. مرة أخرى
كنت متخوفة من أن أقترب أكثر .. كثيرا ما أردت أن أقتلع مظلتي من نصابها وألملم أشلاء روحي المبعثرة .. وأرحل عنك .. أرحل عن عالمك الصاخب .. عالمك المليء بالحكايات والناس .. وفي تلك اللحظة .. بالضبط .. عندما كنت أحاول الابتعاد رأيت العكس .. وجدتني أقترب منك أكثر وأكثر و أكثر .. وأراني أتعمق في روحك أكثر وأكثر و أكثر .. وبدأت أألفك أكثر وأكثر و أكثر ..
كثيرا ما تساءلت روحي عن سبب هذا الخوف المزروع داخلي .. الخوف منك وعليك .. والخوف من نفسي عليك .. والخوف مني وعلي ..
قد يكون السبب ثقتي التي وهبتها لأشخاص لم يستحقوها من قبل .. وخوفي من أن أهبها لأي شخص تلتقي أقداره وأقداري ؟؟
قد تكون عقدة في داخلي من مشاعر ماضية شعرتها وعشتها وبالنهاية جرحتني وكسرتني ؟؟
قد يكون خوفا منك .. خوفا من أن أكون في حياتك مجرد رمز أو اسم يمر عابرا في أجندة أيامك ؟؟
أو خوفا من شيء مجهول لا أعرفه ولا أعرف له اسما ؟؟
لا أعرف ..
إنما أنا على يقين .. بأن كل مخاوفي تأتي أنت وبلمسة سحرية وعلى عجل تمحيها وتخفيها وتقتلعها وتبعدها في كل مرة يتجدد لقائي بك ..
وعلى يقين .. بأنك مثل كف أم حانية .. دافئة ووديعة تحضن روحي وأعيش معها أروع حلم ..
وعلى يقين بأنني لو عشت حبا كاملا وجميلا في حياتي هذه فقد يكون حبك ..أنت ..
وعلى يقين .. بأن يقيني هذه المرة .. يقين ..

جاء دوري الآن أسأل ..
هل ستكون أنت دائما كما أنت .. بهدوئك وجنونك ولطفك .. أم سأفيق يوما على صوت قلبي جريحا يبكي وحيدا ونادما ويائسا وخائفا مرة أخرى ؟؟
هل ستكون روحك بجانب روحي وإن باعدت بيننا الأقدار.. روحين التقتا وحلقتا في فضاء طاهر وجميل ورائع .. كروعة أيامي معك ؟؟
هل ستبقى حلما في حياتي..أم سأراك واقعا أمام عيناي وأصدق بأن ما عشته معك لم يكن حلما ورديا أو فيلما رومانسيا .. أو رواية في كتاب ؟؟ ..
هل ستكون دائما وحتى آخر عمري أصدق إنسان وأحلى روح و أجمل صدفة ساقتها لي الأقدار ؟؟

حتى لحظتي هذه .. لا أعرف ما تخبئ لي أقداري معك .. ولا أعرف إلى أين سنغدو .. ولكن .. ما زال هذا الإحساس بداخلي .. الإحساس بالقرب منك .. يزيد ويزداد مع الوقت ..
لا أعرف ماذا في غدي سألتقي .. ولا أعرف متى سنلتقي ..
كل ما أعرفه .. بأنني منذ اليوم وحتى نلتقي .. سأكسر حاجز مخاوفي وسأطلق العنان لمشاعري لكي تعيش حبا قد لا يتكرر مرة أخرى في حياتي ..

أظن بأن قلبي بدأ يخفق ..
وأكيد .. بأني .......



http://www.facebook.com/photo.php?fbid=193231037417377&set=a.173280349412446.43017.173276322746182&type=3&permPage=1

ماذا لو ؟؟ ..




مـاذا لـو ؟؟..



سألتها صديقة .. " ماذا لو حكمتِ العالم ليوم واحد فقط ؟؟ " ..
ماذا لو ماذا ؟؟ .. حكمتُ العالم ؟؟ .. ليوم واحد فقط ؟؟ ..
فلأحكمه !! .. عندها سأقلب التاريخ رأسا على عقب .. سأفعل ما لم يكن في الحسبان ..

يوم تنصيبي سأدعو جميع رؤساء الدول والحكام من شتى مدن العالم .. من المحيط إلى الخليج .. ومن كل القارات وبلا أي استثناءات ..
سأقيم حفل عشاء ضخم يجمع كل السفراء والوزراء والمدراء والموظفين والموظفات من كل الدوائر الحكومية والخاصة ومن كل عرق وجنس ولون ..
سأوزع الطعام والشراب بالمجان لجميع فقراء العالم ..
سأقوم بتفجير كل مصانع الأسلحة والمدافع والرشاشات وتخصيب اليورانيوم وأسلحة الدمار الشامل ..
سأمنع منعا باتا اقتطاع الأشجار والاحتطاب وطمس الغابات وردم البحار و بناء السدود ..
سأوفر الوظائف للعاطلين والعاطلات وفي جميع التخصصات وبرواتب مغرية ..
سأعيد الأراضي المتنازع عليها لأصحابها ومن له حق فيها .. والتي استمر النزاع عليها سنوات طويلة ..
سأمنع إراقة الدماء لسبب أو بدون سبب ..
سأفرض أوامري بإكرام الحيوانات والرأفة بهم جيدا .. جميع الحيوانات .. ومن يخالف أوامري سينفى من هذا العالم ..
سأقوم باستمطار لجميع الأراضي الجدباء في شتى قارات العالم لتوفير التربة الملائمة للزراعة و العيش الكريم بلا فقر ولا جوع ولا مجاعات ..
سأقوم بصرف الأدوية والعلاجات لجميع المرضى المعدمين وبالمجان لمدى الحياة ..
سأقوم بتعمير المساكن والبيوت المناسبة لجميع الفقراء والمشردين و من عرفتهم الأرصفة و سكنوا المقابر رغم أنهم لا زالوا على قيد الحياة ..
سأوفر العائلات الكريمة لجميع اليتامى واللقطاء ..
سأمنع السرقات والنصب والهمز واللمز ..
سألغي نظام الوسائط و الواسطات عن جميع المصالح والمعاملات ..
سأفرج عن كل المساجين ظلما وبهتانا .. وأسجن كل مجرم طليق يقتل و ينهب بقوة وهيمنة ..
سألغي نظام التأشيرات وختم الجوازات ووزن الحقائب .. وسأقوم بتوحيد جميع الدرجات في جميع الرحلات وبلا أي تمييز بين المسافرين ..
سألغي فواتير الكهرباء والمياه و الهواتف النقالة منها وغير النقالة ..
سأخفض أسعار جميع المنتجات إلى نصف النصف ..
سأوحد جميع العملات وأبتدع عملة جديدة موحدة عالمية في متناول الجميع .. غني و فقير ..
سأطمس معالم الأمية وأوفر فرص التعليم لكل شخص محروم منه ..
سأنشئ في كل مدينة جامعة تحوي كل التخصصات .. وفي كل قرية مدرسة لكل المراحل وكل الفئات ..
على محيا البشر سأفرض الابتسامة .. ومن يرفض سيدفع غرامة ..


سأجعل من هذه الحياة .. حياة جميلة .. و يستحق الكل أن يعيشها ..
حياة حلوة .. كحلاوة حلمي هذا ..

ماذا لو .. تحقق ؟؟ ..
ماذا لو ؟؟ ..

***********

عاد يسألها




عاد بعد فترة غياب طويلة أرهقتها انتظارا وصبرا وترقبا للحظة عودته ..
سألها بصوت أنهكته حرقة الشوق ..
" رغم كل الغياب والجفاء الذي يولِده البعد .. ورغم الأماكن والأزمنة التي تفرقنا .. جئت إليك باحثا عن وطني في مقلتيك ومسكني في قلبك .. وأماني بين يديك .. أعتذر عن غياب لم يكن بيدي.. وشوق فاق قدرة تحملي .. واحتياج لحنان قلب أتوق لنبضه .. هل لي مكان ؟؟ "

حدثته بعينين تفيضان حزنا و قلبا راح يبث سر نجواه ..
أجئت الآن تسألني ؟؟ ..
بماذا تريدني أن أجيبك ؟؟ ..
ماذا أقول ؟؟ ..
أقول بأنك الكف التي انتشلتني من هاوية اليأس والضياع والوحدة وانقطاع الرجاء ،، وسارت بي نحو سهل واسع هادئ وأكثر جمالا ؟؟ ..
أقول بأنك ليلي الذي أسهر و نهاري الذي أنتظر ؟؟ ..
أقول بأنك إشراق الصباح وتغريد الطير ؟؟ ..
أقول بأنك لمعان النجم وهالة القمر وشعاع الشمس ورذاذ المطر ؟؟ ..
أقول بأنك زهر الربيع ونسيم الصيف وهدوء الخريف ودفء الشتاء ؟؟ ..
أقول بأنك وردتي التي لا تذبل ؟؟ ..
أقول بأنك شمعتي التي لا تنطفئ ؟؟ ..
أقول بأنك شجرتي التي أستظل تحتها هربا من هجير الحياة ؟؟ ..
ماذا أقول لك ؟؟ ..
أقول بأنك ابتسامة لا تفارق شفتاي ؟؟ ..
أقول بأنك بريق عيناي ؟؟ .. هذا البريق الذي لا أنفك أسأل عن سره ؟؟ ..
أقول بأنك دمع الفرح وابتسام الرضا ؟؟ ..
أقول بأنك الحنين والحنان ؟؟ ..
أقول بأنك أمان روحي ؟؟ ..
أقول بأنك خفق قلبي ونبض عروقي ؟؟ ..
أقول بأنك شوق الرحيل وفرح اللقاء ؟؟ ..
أقول بأنك أغنية الحياة ؟؟ ..
بماذا تريدني أن أجيبك ؟؟ ..
أقول بأنك حبيبي ولا حياة لي من دونك ؟؟ ..
أقول بأني أحبك دائما وأبدا وحتى آخر العمر ؟؟ ..
أهذا ما تريدني أن أقول ؟؟ ..
أهذه الإجابة التي تنتظرها على سؤالك ؟؟ ..
أعتذر منك .. لا إجابة عندي ..
آسفــــــة .. لم أعد أحبك ..
لأني ..أحبك الآن أكثر .

احتضنت كفه كفها .. وسارا معا في الطريق الممتد إلى ما لا نهاية .

***********

وصية جد









كان ذلك الشيء الساكن بجانب قلبه و يلتحف حضنه .. محور النقاش الدائم في أي مكان يتواجد فيه .. في العمل .. و البيت .. ومجالس الأدب والثقافة ..
سر كامن يحيط به ..
هو عادي في نظر الآخرين .. و في قلبه هو ذكريات جميلة وماضي مندثر ..

كأنه الأمس يوم نجاحه في الصف السادس الابتدائي و ركضه إلى جَدّه يحمل شهادته ويلوح بها مرددا بصوت الفرح و الانتصار .. " جدي أنا نجحت ".
وما كان من جده إلا أن أدخل يده في جيبه وناوله إياه مقبلا خده الغض وبحنوه العذب أسرّه حديثا : " يا فارس .. احتفظ به .. هو لك هدية وتذكار.. اجعله رفيقك الدائم أينما كنت وخط به سنوات عمرك القادمة واجعله شريك أحلامك وطموحاتك .. ليكن شمعتك المنيرة ومستودع أسرارك وصديقك الصدوق الذي تبوح به بما يخالج نفسك .. هو لك رمز حب وأمنيات صادقة بالتوفيق والنجاح .. عاهدني يا فارس بأن تحافظ عليه دائما وأبدا .. و أن تتذكر جدك العجوز على مرّ الأيام " ..

حتى اليوم ما يزال فارس يتذكر تلك الكلمات رغم مضي خمسة وعشرين عاما .. رحل جده عن الدنيا عندما كان عمر فارس خمسة عشر عاما .. رحل الجد وبقيت هي ..
هدية عُمر ..

مضت السنوات و شبّ فارس .. كان يمر العام وتليه أعوام يحقق فيها النجاح تلو نجاح .. يرافقه هذا الشيء ليس كوصية جد فقط بل لأنه يحبه .. وجد فيه وفاء الصديق ورفيق الطريق و المشوار .. حليفه في الدراسة و قنديله في أشد الليالي حلكة وسوادا عندما كان يستذكر دروسه استعدادا لاختبار ..
طيلة سنواته الجامعية .. يصاحبه في كل نجاح ومع كل شهادة .. و زميلا له في تنقلاته بين أروقة المستشفى ..
اليوم فارس طبيب ناجح يشار إليه بالبنان.

ذات يوم جلس مع مجموعة من الأصدقاء فباغته أحدهم بسؤال .. " ما قصته ؟؟ أخبرنا بالله عليك .. منذ عرفناك وهو معك مثل توأم لك .. تقبض عليه مثل كنز من الذهب تخاف ضياعه .. لماذا ؟؟ "

اعتدل في جلسته وأخرجه من جيبه هامسا بعذوبة ..
" رحمك الله يا جدي ..هذا ليس قلما عاديا .. هو عمرا بأكمله " ..




********************

نُشرت في صحيفة الرياضية السعودية
بتاريخ السبت 27 شعبان 1423
الموافق 2 نوفمبر 2002

بيت العمر



بيــت العمــر


على قرع الدفوف وشدو النساء بأهازيج الفرح .. كان زفافها ..
عروس جميلة في ليلة أجمل تبدأ معها حياة جديدة ..

ورودا تنهمر من كل جانب.. وفرح يزغرد .. وبرقة السيوف المتمايلة في عرضة جميلة يرقص معها والدي العروسين سعادة وبهجة .. و دعوات صادقة بالسعادة والتوفيق تخرج من الأعماق ..
كل هذا يحدث في ليلة فرح أسطورية من ليالي زمان ..
عندما كانت الفرحة من القلب والكلمة من القلب والضحكة من القلب .. وكل فعل صغير من القلب ..

سار بها موكب الزفاف إلى بيتها الجديد و مملكتها السعيدة ..
هو ملكها .. قصرها وهي سيدته الوحيدة .. اختارت أثاثه قطعة قطعة و حولته من مجرد أسقف وجدران إلى لوحة جميلة أبدعتها أنامل الرسام ..
كان سكنها وسكينتها .. أمنها وأمانها .. تقاسمت فيه مع زوجها كل ركن و زاوية .. تشاركا في حبه و عمارته .. لم يكن بيتا عاديا كان أكثر بكثير ..

دارت بها عجلة الأيام ومرت سنواتها كلمح البصر .. إنجابها لأبنائها الخمسة و التحاقهم بالمدارس .. بكاؤهم وفرحهم.. زيارات أهل وأصدقاء و أعيادا كثيرة .. ذكريات مليئة بالحزن والمسرات .. كلها كانت هنا .. في هذا البيت .
واليوم .. وبعد مرور ستة وثلاثين عاما قضتها في هذا المنزل .. لاشيء سواها و ماض كالحلم والسراب يمر بذاكرتها فتتمسك به خشية أن يضيع ويرحل كما رحل الأحباب ..

تزوج جميع أبنائها ورحلوا عن البيت .. و تبعهم زوجها برحيله عن الدنيا ..
بقيت وحيدة تسكن بيتها البارد بعد رحيلهم .. تناجي الصور وكأنها تنادي من فيها وتستجديهم المثول أمامها عوضا عن أسرهم في إطار صورة ..
جدران تحاول استنطاقها لتشاركها استعادة ذكريات مضت كأنها ستنطق وتقول أذكر ما تذكرين .. لازلت أشعر بأبنائك وهم صغار يتخبطون بي عند ركضهم ولعبهم ..
أسقف تكاد تقول هنا اصطدمت بي كراتهم.. وهنا علقوا علي حبالهم في محاولة شقية و بريئة للصعود إلى ..
سجادة على الأرض تكاد تشكو من ما جرى لها طيلة سنوات و ما عانت منه من سكب للطعام والشراب وخَطوِ أقدام صغيرة ..
أرجوحة معلقة في الحديقة الرياح تداعبها الرياح فتميل يمينا وشمالا كأنها تبحث عن صغار كبروا وأطفال شبّوا وماض ولى واندثر ..
أسرّة صغيرة تسكنها آثار نومهم وتقلباتهم في الليالي القديمة ..
طاولة طعام عليها آثار أقلامهم مخطوطة بالخفاء دلالة على لعبهم عوضا عن الدراسة والاستذكار ..
مقاعد شهدت جلوسهم وتجمعهم حول التلفاز في ليالي جميلة راحت وانقضت ..
نوافذ عانت من لمسات أيد تغلقها مخافة أن يتسرب صوت شقاوة الأطفال لجيران قدامى .. وكم هائل من التهشيم والتكسير بسبب لهوهم بالأحجار و الكرة ..
حديقة غناء أطربتها ضحكات الصغار وركضهم تحت المطر ..
هنا جلسوا .. هنا ضحكوا .. هنا تخاصموا .. هنا لعبوا .. هنا ناموا .. هنا أكلوا .. هنا شربوا .. هنا بكوا .. و من هذا الباب .. غادروا..
كل ركن وكل شبر وكل زاوية في هذا البيت تحمل عبق الماضي .. و ذكريات شجية وأيام يصعب تعويضها ..

واليوم .. تجلس وحدها على مقعد هش .. عجوز ضعيفة .. مضت أيامها طابعة عليها آثار السنين .. تجاعيد وشعيرات بيض .. ضعف ووهن .. وجسد أنهكه الزمن ..





جلست تتأمل هذا البيت بدموع تئن .. كيف ترحل من هنا ؟؟
كيف تترك بيتها .. مملكتها .. عمرها الفائت وذكرياتها ؟؟ .. كيف تترك الماضي وترحل ؟؟ .
لكنها سترحل .. هذا حكم الزمن .. و هذا ما كتبه لها القدر ..

اتكأت على كتف ابنها تهبه أيامها القادمة .. فهل يا ترى بقي في سنوات العمر عدد ما رحل ؟؟ ..
مشت معه خطوات نحو مستقبل تجهله .. تاركة خلفها ماض جميل .. وبيتا شامخا بالذكريات .. يبكي رحيل أصحابه .

*************

* تم نشرها في صحيفة الرياض السعودية
بتاريخ الجمعة 17 ربيع الاخر 1428 هـ
4 مايو 2007 م
العدد 14193

* الصورة بعدسة المصور اللبناني ميدو سيف الدين ..
فشكرا له ..
http://www.facebook.com/midophoto
 

عندما يتحدث الصمت






عادت إلى بيت زوجها كسيرة راضخة لمصيرها وقانعة بالأمر الواقع الذي فرضته عليها الظروف .. تحتضن طفليها وتضمهما بكل شوق ولهفة بعد أشهر من الحرمان .. عادت إليهم مجبرة على استمرار الزواج بينها وبين أبيهم ..
عادت لهم ومن أجلهم فقط ..

في تلك الليلة لم تستطع النوم .. فقد اعتادت السهر يرافقها السهد و الضجر ..
تمشت قليلا في أرجاء البيت .. بيتها الذي أصبحت سجينته وتحت وطأة أسر صاحبه منذ زواجهما .. جلست على المقعد واهنة وضعيفة كأنها صارعت أمواجا عاتية لتخرج من هذا الكرب .. فعادت إلى البر مرة أخرى بعد أن تحطم زورق أحلامها وضاعت كرامتها و فقدت حقها كزوجة وشريكة حياة ..
و غدت بقايا من بقايا امرأة .

تناولت الدفتر الموضوع أمامها على المنضدة بجانبها وراحت تقلب أوراقه المتشققة ..
مجموعة رسومات مبهمة لا معنى لها .. و شخابيط مبعثرة قام بخطها طفلها الصغير .. و ملامح حيوانات وفراشات صغيرة رسمتها ابنتها الصغيرة .. أمسكت بالقلم و جرته جرا على وجه الورقة محاولة أن ترسم شيء.. أي شيء .
رسمت دوائر و أشكال وخطوط متقاطعة لا توحي بشيء .. وسرحت في عالم آخر .. تذكرت يوم خطبتها والسعادة الغامرة التي اجتاحتها ولهفتها لتكون زوجة مستقلة وأما وسيدة بيت .. رسمت الكثير من الأحلام وخططت للمستقبل بكل الحب والفرح يرافقها الإصرار لتحقيق جميع رغباتها ..
تذكرت يوم زواجها وسعادة زوجها معها .. زوجها الذي كانت ترى في عينيه الحب والعشق مع كل نظرة من نظراته.. و عهده أن تكون هي فقط الشريكة والحبيبة والصديقة .. رسم لها المستقبل قصرا لبناته حب و جدرانه حنان .. و حديقة احترام نَبتُها السعد والسرور ..
و بعد عام من الزواج انقلب كل شيء رأسا على عقب .. حتى هو ..
الحب صار وهما .. والسعادة غدت تعاسة .. والغيرة شك .. والمودة استعباد .. والعشق تملك وأنانية وفرض سيطرة لا أول له ولا آخر ..
انهار القصر .. وتحطمت الجدران وذبلت الورود ..
وذهبت أمانيها أدراج الرياح ..
مع الصباح استيقظت ممتلئة بالهدوء وقد سرى في دمها أملا جديدا وُلد مع بعثرة الأوراق حولها ..
أماطت عن الأرض صفحة من الدفتر افترشها وجه امرأة حزينة تتشح السواد ..
تحدث القلم بما خالجها و رسم إحساسها بعفوية ودقة ..
تأملتها ملّيا .. وقررت ..

اليوم .. هي هناك .. تسكن ركن قصي من منزلها الشاحب .. تمسك الريشة وعلبة الألوان ..
امرأة أخرى .. مجروحة القلب ومكسورة الخاطر .. لكن .. فنانة .


****************

*تم نشرها في صحيفة الرياض السعودية
بتاريخ الإثنين 26 شوال 1423 هـ
الموافق 30 ديسمبر 2002 م
العدد 12607

فجأة ..



فجأة خطر لي أن اكتب شيء.. أيّا كان ..


اعتدلت في جلستي و احتضنت حاسوبي الشخصي و سرحت ..
ماذا أكتب ؟؟ .. و عن ماذا أكتب ؟؟ .. و كيف باستطاعتي الفصل بين خيال قصة و واقع مقال .. بعد أن اعتدت على ترجمة خيالي إلى كلمات .. وبعد أن اعتادني الخيال و أسكنني فى عالمه مطلّقة به الواقع بالثلاث ..
قضيت نحو الساعة أفكر .. فكرة تجرني شمالا وأخرى ترمي بي يمينا .. و تلك التي هناك تومئ لي منادية .. أركض نحوها ثم ما تلبث أن تتبخر وتتلاشى .. كأن لا فكر لدي .. ولا خَيار ..

و أنا في غمرة سهوي تعالى اهتزاز جهازي البلاك بيري .. هذا الذي ما عاد هاتفا نقالا بل عالما بأكمله ..
رسالة من الرسائل التي تتناقل بين الأصدقاء و تُبث بينهم بشكل جماعي .. تُعجبني هذه التقنية فهي تختصر الوقت و توجز البث و تلم الشمل رغم الإحراج الذي يحدث أحيانا عندما ننتقي خطئا أشخاصا غير معنيين بالموضوع ولا بأي شكل من الأشكال .


أعود لموضوع الرسالة .. كانت حول مبدأ التسامح .. كيف و متى نسامح .. ولمن نغفر الخطأ في زمن الكذب و المصالح و المجاملات .. و الكثير من أقنعة الزيف .
وضعت الرسالة جانبا و أرحت رأسي على الوسادة خلف ظهري .. نظرت إلى السقف .. بارد وبعيد زينته ثريا صغيرة الحجم بثلاث لمبات احترق أحدهم و أظلمت بسببه حجرتي ..
الجدران .. صامتة و جميلة بلون اللافندر ..تناثرت فيها اللوحات ..
الأرض .. سيراميك بارد أقشعر له عندما أخطوعليه .. جمّلتها بسجاد لتنشد قدمي الدفء فيه ..
تأملت كل ما حولي .. فوجدت الزيف يحيط بي من كل جانب .. فما وراء الجدران المطلية الجميلة سوى "طوب" .. و ما تحت السيراميك سوى اسمنت و أخشاب .. و ما فوق السقف والثريا سوى جبس و حديد ..
حتى أنا .. أرتدي في اليوم ألف قناع فقط كي أخفي الحزن لو زارني أو الأرق لو تملكني طيلة مساء ..

نطلب الصفح من غيرنا قبل أن نصفح نحن عن أنفسنا .. نلوم الغير على زيفه رغم ان الزيف داخلنا و حولنا و معنا حتى في خلوتنا .. نبحث عن الكمال و نُحاسب الناقص منا على نقصانه و لا نرى النقص فينا ..
نسينا أو تناسينا بأنا بشر .. نخطئ ونصيب .. وأبدا لن نكتمل ..

حياتنا كذبة .. و ألف قناع ..

نقطة على السطر .. انتهى .




غيّرتني أمنية



كُنت هناك .. عند تلك الحافة من ملل الانتظار .. أصفع كفّا بكف و ألطم حظاً عاثراً ..
و هن إلى جانبي .. تجاورن رفقة لي و ولدن غفلة مني .. ما أن يصعدن أبراجا من أمل حتى يقعن و يغرقن في دوامات مجهول .. يبهُتنَ خيفة من نسيانهن على قارعة ما تبقى من شتات زمن ..

نَسَلت إحداهن سِحرها عن خنق تزاحمهن ..
تعثّرَت ألف مرة و هي تحبو نحوي ..
كم هي جبّارة و فتّية .. و بينها وبين الكسر ومضة ..

استرخت قِبَل قلبي .. استراحت و رخَت ..
همَسَتْ سرا حتى كادت لا تسمعني ..
بكت يأسي و انهزامي .. رشّت على أجراحي ملح عتاب .. و نفضَت عن يقيني غبار ألم ..

" اعتقينا لله .. اكسري قُمقُم يأسك و أخرجينا منه .. حرام عليك هذا الوأد و شمسنا إلى الآن تشرق .. تظلميننا بظلام ما فتئت تغرقينا فيه .. كفى يا غالية .. ارحمي هذا القلب فما عاد يحمل عصرا و ألاما ..
قالها لنا الله " فإن مع العسر يسرا .. إن مع العسر يسرا .." ..
رددها على قلوبنا مؤكدا على قدرته " ان الله على كل شيء قدير " ..
وعدنا يعطينا " و لسوف يعطيك ربك فترضى " ..

و أنتِ هنا تبكين حلما لم يتحقق بعد؟؟ ..
اعتقي هذي الأماني و انشريها أجنحة على عرض السماء .. أنثريها مطرا يروي عطش السحاب .. اسكبيها في مآقي البحر والأنهار .. و اروي بها أرض الحياة .. آمني بأنها ستوجد .. كوني على يقين بأنها كائنة لا محالة ..
اكسري قيودها .. لتتحقق .. لتومض برقا يضيء أيامك ..
اعتقيها ولا تخافي .. قدر حبها لكِ ستعود ..
ستتحقق .. " ..

ابتسمْتُ فرحا و ضحِكْتُ رضا ..
وقفت أرقبها تعتلي صفحة الهواء و تشق ظلمة المساء .. انتثرت نجوما من أمل و حلّقت هناك ..
دقّت على أبواب السماء السابعة ليستجيب لها الله ..
ابتسمن لي وعدا بلقاء قريب ..

أمنية صغيرة .. تتحقق معها جميع الأمنيات ..




السبت، 19 مايو 2012

صالحٌ للنشر


جلس القرفصاء يلملم أوراقه المبعثرة و معها جميع آماله التي وئدت بكلمة ( مرفوض ) ..
حامت فوق رأسه سحابة من قنوط و دُكّت جبال أحلامه بمعول يأس.
سار على غير هدى متدثرا بكومة أوراقه سارحا في البعيد .. تسوقه قدماه إلى اللا مكان ..

بعضٌ من .. (صالحٌ للنشر) ..
قريباً في كتاب ..


متى سأكبر ؟؟ - قصة قصيرة ( الحلقة الأخيرة)


* يا ستّي يا ختيارة


 


كنت قد فرغت للتو من صلاتي عندما جاءتني حفيدتي راكضة تحمل معها دمية صغيرة .. ارتمت على صدري تنشدني الاحتماء من شقيقتها الكبرى .. لم اسألها شيئا فقد عهدتها دائما تفر من قريناتها أثناء لعبهن الغميضة لتختبئي في حجرتي .
هذه الزائرة الصغيرة التي لا تفوت ساعة من يومها دون أن تستطلع أشيائي القديمة المختبئة بخجل في خزانة الماضي و الأدراج .
تأتيني كنسمة هواء لطيفة ترطب أجواء وحدتي فتقتلعها من جذورها بإعصار من الأسئلة .. سؤال تلو سؤال .. عن القديم الغريب الذي يزين حجرتي .. من زجاجات عطر إلى صور تشققت أطرافها و صناديق نحاسية أحفظ داخلها مجوهراتي العتيقة . حتى الصرر التي خِطتها بيدي لتحتوي داخلها ثياب أبنائي حين كانوا صغارا.
أخبئها داخل خزانة كبيرة .. هي دوما نافذتي إلى الماضي الجميل . ذلك الماضي الذي ما أن تزورني لحظات الشوق و تهزني ثورات الحنين إليه حتى أفتحها و أشتم معها عبق الزمان الذي ولى وانقضى.

منذ بضعة أيام كنت منهمكة في عمل عجينة الحناء كي أصبغ شعري بها ، سمعت صوت خطو قدميها الصغيرتين قرب باب الحجرة .. ثم قرعا خافتا كقطرات مطر ترْبُت على نافذة قلبي : " جَدّة .. أدخل ؟؟ "

" تستأذن الدخول ؟؟!! .. كيف تستأذن الدخول إلى عالم لولا و جودها فيه ما كان ليكون؟؟ .. كيف تطلبني السماح لها باقتحام زمن كل ما كان قبله أو حتى بعده ليس محسوبا من عمري ؟؟ .. ما هي حياتي لو لم تكن هي و إخوتها ورودها وبساتينها .. هوائي الذي أتنشق ؟؟ .. كيف ؟؟ " .
" تعالي يا حبيبتي .. تعالي ".
هاهي قادمة تركض نحوي وتفرش دنياي بألوان الطيف .. لتشرق شمسي وتضيء كل حياتي .

دنت من حِجري قليلا حتى جلست .. وراحت أناملها الرقيقة تصول وتجول في عجينة الحناء ، ثم تقربها من انفها الصغير لتتنشق رائحتها النفاذة .. و مهرجان من الأسئلة انهال علي احتفاءً باكتشافها الجديد.
" ما هذا يا جدة ؟؟ .. ماذا تعني حناء ؟؟ .. لماذا رائحتها قوية ؟؟ .. هل ستأكلينها ؟؟ .. لماذا تضعينها على شعرك ؟؟ .. هل تسمحين لي بأن أجربها ليتلوّن شعري بالأحمر ؟؟ " .
لم تهدأ انفعالاتها حتى وضعت القليل من الحناء على شعرها الأسود .. سواده الفاحم ورثته مني. قبلت رأسها الصغير متأملة هذا الشعر الذي اصطبغ بالأخضر عندما باغتتني بسؤال زلزل لي كياني .

" جدتي .. لماذا تمسحين على شعري عندما تقبليني ؟؟ .. أنا لست قطة .. قطتي فقط أمسح عليها و أقبلها " ..
شعرت بقشعريرة تسري في أنحاء جسدي .. وتنفض عن ذاكرتي غبار السنوات الماضية .. فعاد بي شريط الذكريات نحو الوراء عندما كنت أطلب من جدتي رحمها الله أن تسرح لي شعري وكانت تتأمله .. والترقب الذي كان يسكن داخلي خشية على شعري من أن تقصه لي .. وانشغالي بسر تأملاتها وحديثها الدائم عن رغبتها بالعودة إلى عمر الطفولة ..
لسنوات طويلة كان سؤال حفيدتي يسكن فكري ويشغل بالي و يستحوذ على اهتمامي ..
كنت أراه لغزا يستعصى علي حله .. و طلسما غامضا أرَق لي مضجع طفولتي .. لدرجة الحرمان من النوم في بعض الأيام.
و الآن أدركت الأمور ..

أدركت أن السواد يمحى بالبياض .. وأن العجز يغتال الطفولة ..وأن الأزهار تذبل وتموت الورود ..وأن اخضرار الربيع تطمره الثلوج ..وشمس النهار يُغَيّبها الغروب ..
أدركت أن الماضي لا يعود .. ولن يعود ..
وأن أجمل الحاضر هو ما أراه اليوم في أعين أحبابي .. وأستشعره في وجودهم ..

استوقف صخب أفكاري أصوات نداء الصغار في الطابق السفلي، يستعجلون قدومي أنا وحفيدتي لمشاركتهم الجلسة العائلية .
عادتنا كل يوم جمعة نجتمع سويا لنقضي نهارنا وطيلة يومنا في جلسة حميمة نتشارك فيها الطعام والحديث والسهر ..
يوم واحد من كل أسبوع ننفض فيه تعب الغياب عنهم لتسمو أرواحنا معهم .. فتغدو بهم حياتنا أحلى .
ترافقنا أنا وهي لهبوط السلالم .. تمسك بيدي و تقفز بغنج أنثى و مرح قطة شقية .. وتغني لي بصوت بلبل يرفرف بأجنحته رفرفة سلام فأشعر معها روحي تبتسم.

في ذلك الركن الصاخب .. جلس بعض الصبية من أحفادي يلعبون بجهاز غريب .. يقال عنه ( وِي) كما أسمعهم يسمونه ..
وعلى مقاعد الحديقة الخارجية .. جلسن حفيداتي الصغيرات .. يتهامسن ويتسامرن برقة وغنج ومرح .. ونظراتهن تتنقل على الصبية .. الذين يبادلونها معهن بإعجاب وزهو ..
وعن يميني جلس أبنائي يتجاذبون أطراف الحديث فيما بينهم عن مختلف شؤون الحياة .. من مال وأعمال وصفقات وأسهم .. ونقاشات حامية ، تعلو موجة الحديث وتخفت بين الحين والآخر ..
وعلى شمالي .. جلست النسوة يتحدثن عن الأطفال وشؤون المنزل وأعمال بعضهن خارج المنزل ..
وزوجي وشريك أيامي الماضية .. والمتبقية.. بابتسامته العذبة ونظراته الحنونة وشعره الذي اشتعل بياضا .. يلاعب أحفاده الصغار متوكئا على عصاه ..
بيتنا صار يعج بالهناء .. ويزهر حبا يوما بعد يوم ..
وأذبل أنا .. يوما بعد يوم .. بعد يوم ..

كانتا عيناي تراهم .. وقلبي يدعو لهم .. وروحي تحيطهم وتلفهم وتحتضنهم ..
سرحت معهم وبهم .. كنت بالأمس مثلهم.. أتشارك طفولتي مع أقراني .. أجري وألهو وأركض .. لا أعي معنى الحياة .. ولا يعنيني مرور السنين ..
عشت شبابي بكل عنفوانه وتمرده وتحديه وقوته .. وجماله ..عشت حياتي بحلاوتها ومرارتها .. بلذتها و قسوتها .. عشت أيامي .. يوما تلو يوم .. بكل سحر أوقاته وساعاته .. وجاذبية ثوانيه ..
أنا هنا .. دارت بي عجلة أيامي .. وصرت كجدتي .. ضعيفة وواهنة.. تجلس على مقعد و تلف رأسها بشال .. و تعد ما تبقى لها من أيام ..
جدة .. عاد ماضيها مرة أخرى .. في أعين الصغار .
" مضت بي سنوات العمر دون أن أشعر .. وما أُبقت لي غير ذكرى أقبض عليها بشدة خشية أن تضيع و ترحل .. كما رحل العمر" .

اتكأت على جانب المقعد .. أغمضت عيني في هدوء وطمأنينة .. لأخذ غفوة قصيرة ..
تعالت أصوات من حولي وتداخلت مع بعضها البعض .. كموسيقى.. كنبض حياة جديدة..
وفي داخلي همس خافت .. أخذ يصرخ باكيا ..

" ليتني أعود طفلة " ..


*********************


همســة :

سيَر الحياة لم تكن يوما حكرا على أحد ..
فالحياة أنثى .. والأنثى حياة ..
بطلتها أنتِ.. فقط أنتِ ..
و هي ..
و أنا ..



تمت .. ولن تنتهي


وأخيرا .. * حقوق الأغنية محفوظة للفنانة طروب






سرتُ خلفه تقودنا طرقات متعرجة و ممرات ضيقة.. تقاذفتها حُجُرات مظلمة ,اغتصبها الضياء عنوة .. أسقف صلدة تقطر مياهاً تشققت عنها أنابيب صدئة .. ودهاليز رطبة فاحت منها رائحة العَفَن ..
مَضَيْنا نتبع صمت الجدران و يتبعني صدى الخوف .. حتى توقّفت بنا تصدّعات الحائط عند باب حُجرة ارتعد في أركانها الجَزَع .. و تعالت منها همهمة من تعاويذ ..
بعضٌ من .. ( الحجرة رقم 10 ) ..
قريباً في كتاب ..


شوكولاتة


أفسحت له المجال ليختار ..
حررته من القيد .. فشد الوثاق ..
أرشدته إلى الطريق .. فآثر البقاء ..
نسلت عنه يدها .. فشُغف بها أكثر ..
أُمطر داخلها الجدْب .. فأَورق لها الوفاء ..
بكت دموعا من قهر .. فأهداها شوكولاته ..
بعضٌ من ( شوكولاته ) ..
قريباً في كتاب ..



المرآة



اقتربت منها حتى لاصقتها .. تسمّرت أمامها ..مثل عوالم من خيال أسَرَتها .. و كأن دثار المساء غدا شرنقة من حرير و ذهب .. غشيها سحر ما .. طاقة خفية فاجأتها فانسكبت غارقة في مسام جسدها .. أحسّت معها بأنها أخرى .
بهرها هذا الحصار المباغت الذي أحاطها فجأة .
صباحها ذاك لم يكن عاديا.. شيئا ما بدا لها مختلفا..
صافحت كبرياءها.. فنَسَلت منها خيط ذهب وغادرت المكان.
بعضٌ من ( المرآة ) ..
قريباً في كتاب ..



الطيف


" كنتِ هناك .. تقلّبين صفحة كتابك .. وتلوح لي بين كلماته نداءات حرف وحيد يشتاق أن يخط على صدر صفحته أول كلمة في مشوار عُمْر .. باغتني عشقك .. أخذتِ بتلابيب قلبي .. وسرقْتِني مني على حين غفلة .. مني " .
اقتطف برعم ورد .. و غرسه بين ثنايا شعرها المسدول على كتفيها ..
سار معها بمحاذاة النهر .. حيث عزفت ترانيم هديره موعدهما الأول ..
بعضٌ من ( الطّيف ) ..
قريباً في كتاب ..



قل لي لمن تقرأ .. أقل لك من أنت


قل لي لمن تقرأ أقل لك من أنت
 
بقلم: العنود السعد
كنت دائما أفخر بذاتي حينما يصفني البعض بـ " مثقفة " .. فأتخيلني أقبع في ذلك الليوان الفسيح محاطة بجهابذة الفلاسفة والمثقفين نرتدي نظارات بعدسات سميكة يتسع خلفها محيط الأعين و يتضاعف حجمه عن الطبيعي .. و تتناثر حولنا الكتب والمجلدات في جلسة أدبية ثقافية أفخر بكوني أحد أطرافها ..
و لكن .. و عندما يصبح الواقع مخالفا للخيال و طامسا لأجمل معالمه لا أملك إلا أن أردد " نعم .. هنا السعودية " ..
لست بسلبية ولا متشائمة ولا نابذة لمجتمع ولدت فيه وعشت فيه ونشأت داخل محيطه و أفخر بأني منه .. لكن أنتقد ما آلت إليه ثقافتنا الغرّاء و ما وصلت إليه بعض العقول ..
ما دفعني لكتابة هذا المقال هو " اشمئزازي " من ما تابعته وتابعه الكثيرين غيري من معركة حوارية ومشادة كلامية بين اثنين من أعلامنا " الثقافية " تحديدا الكاتب صالح الشيحي والروائي عبده خال و بالتأكيد تلك المداخلة الهاتفية الصادمة للكاتب أحمد العرفج .. و يا لهولها من مداخلة مشحونة بالتحدي .. وبالطبع لا أنسى ذكر الطعام و البوفيه الذي اعتبره العرفج جُلّ هم المثقفين في الملتقيات الثقافية ..
لن أصف ما سمعت فقد سمعه الكثير ولن أزيد عليه .. ولكن السؤال الفارض نفسه بلا هوادة " هل هذا ما آلت إليه ثقافتنا السعودية ؟؟ " .. مجرد تكرار لكلمتي ( خزي و عار ) ؟؟ و حتى اليوم لا استطيع أن أجد تفسيرا محددا للخزي والعار الذي شاهده الشيحي في ذلك البهو الذي أصبح في يوم وليلة مزارا شعبيا في مخيلة المشاهدين الذين ما انفكوا يتخيلون الحدث الجلل الذي حدث في تلك الليلة ..
أو أن الثقافة هي تتبع لعورات الناس و تفسير تحركاتهم و تصرفاتهم وفق ما نفكر فيه نحن و ليس كما هي في الواقع ؟؟ ..
إن كان هذا حال بعض مثقفينا فلا لوم ولا عتب على القراء والمتابعين .. فقبل هذه الحادثة بفترة وجيزة عصفت في موقع تويتر عاصفة من نوع آخر .. أطرافها كتاب فارغ للكاتب و الاعلامي تركي الدخيل والطرف الآخر عدد مهول من القراء والمتابعين ..
سأغض الطرف عن مسألة مدى تقبلي لفكرة الكتاب أو رفضي لها و سأتحدث عن ما آلمني مما رأيت وقرأت في ذلك الهاشتاق التويتري .. والهاشتاق لمن لا يعرفه هو مربع صغير شبيه بساحة كبيرة تجمع أناسا من مختلف الجنسيات و الثقافات والأعمار يطرحون فيه موضوعا معينا يخص شخصية ما او حدثا معينا او قضية محددة .. و تمتليء تلك الساحة بالتغاريد .. بعضها أشبه بترانيم البلابل و بعضها لا مرادف له و لا وصف سوى تسميته ( نعيق غربان ) ..
على مدار أسبوع كامل لم يكتفِ التويتريون بنقد الكتاب الفارغ بل تعداه إلى شن الهجوم القادح لشخص الكاتب تركي الدخيل بكلمات جوفاء تتخطى حدود النقد الهادف و تخالف آداب الحوار ..
مأخذي الوحيد على الكتاب الفارغ هو صدوره في مجتمع لا يتقبل الجديد .. ولا يقرأ ما بين السطور حتى وإن لم يُكتب سطرا واحدا في تلك الصفحات البيضاء .. مجتمع _ ويا للأسف _ يصطاد في الماء العكر .
تنوعت الهجمات و تشكلت وفق أدمغة القراء و مفاهيمهم و تنوعت بتنوع مفرداتهم و أقاويلهم .. فتارة تُنتقد الفكرة و تارة يُشتم الكاتب .
فكرت يومها بأن أقتني كتابه الفارغ لسبب واحد فقط .. سأخط فيه كلمة شكر له من صميم قلبي .. سأكتب : " شكرا لأنك بكتابك الفارغ أثبَتّ لي بأننا شعب الله المختار في ضحالة الثقافة و انعدام الاحترام .. شكرا لهذه الصفحات البيضاء التي لوّثتها نقاطا سوداء في تاريخ ثقافتنا و مثقفينا .. شكرا لهذه المساحة الفارغة لأبصم فيها بالعَشرة بأننا لن نتغيّر و لن نتطور .. و أن الفراغ هو في تلك آلعقول التي نخرها الخواء و اعتلاها صدأ الجهل .. شكرا لك " ..

بعد هذه الأحداث المتتالية اقتنعت بأنه ليس مهما ما نقرأ .. المهم أن ما نقرؤه يهذبنا ..
و ليس مهما لمن نقرأ .. المهم أن يستحق فعلا لقب " مثقف " ..

كلمة أخيرة ..الثقافة هبة من الله و أخلاق و تهذيب و حسن معاملة قليل فقط من يتشرف بنيلها..








مقالي المنشور في " المفكرة الإعلامية " ..
http://www.themedianote.com/article/245/%D9%82%D9%84-%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%85%D9%86-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%A3-%D8%A3%D9%82%D9%84-%D9%84.aspx



جنية في مهمة رسمية


قال أحدهما : " مجرد خيالات .. لابد وأنه تيار هواء تسبب في فتح الباب على هذا النحو .. عدن إلى النوم "..  عندها استجمع الصغير قواه و صرخ مستنكرا: " أنا كنت معهما ورأيت ما حدث .. هناك جني في البيت .. ألم أخبركم ما حدث معي وأنا ألعب بالكرة عصر هذا اليوم ؟ عندما قذفتها نحو السطح ثم عادت إلي مرة أخرى لا أدري كيف ومن أين !! .. صدقونا هناك جني في البيت " ..
"جني ؟؟ .. لو سمحتم لي أنا جنية .. أنا فتاة .. رفقا بالقوارير رجاءا .. "

بعضٌ من .. ( جنّية في مهمة رسمية ) ..
قريباً في كتاب

الأحد، 19 فبراير 2012

ماذا لو تم حجب تويتر ؟؟ ..



ماذا لو تم حجب " تويتر " ؟؟ ..




في منتصف الشهر الماضي دار جدلا واسعا في الوسط "التويتري" حول نص قانون يفرض حجب محتوى "بعض" التغريدات في بعض الدول بناءا على طلب من حكوماتها مما أثار حفيظة المغردين و دعاهم إلى مقاطعة تويتر ليوم واحد احتجاجا على هذا القرار .
لست أدري إن طُبّق القانون أو ليس بعد ..  أو أنه كان مجرد زوبعة في فنجان ..
دفعني هذا الموضوع إلى القيام بتجربة بسيطة تأكدت من خلالها بأنه لو تم حجب تويتر بالكامل فسننقطع عن العالم بأكمله .
فاحتجبت أنا قبل أن يُحجَبَ عني ..

لثلاثة أيام متواصلة قاطعت تويتر و الفيسبوك .. كما شملت المقاطعة كل من تشملهم قائمة الأصدقاء في جهازي البلاك بيري .. أو كما يُعرف بالـ (bbm ) .. باختصار قطعت كل السبل للتواصل الإجتماعي مع جميع من أعرف من خلال التقنيات الحديثة و الإعلام الجديد ..  باستثناء الرسائل النصية و المكالمات الهاتفية ..
قد تبدو فترة الـ 72 ساعة قليلة ولا تكفي لمقاطعة قد تجدي نفعا أو لا .. ولكن لشخص قد اتخذ مواقع التواصل الاجتماعي متكئا له فهذه السويعات ستمر عليه ثقيلة وطويلة .. كما حدث معي بالضبط و يحدث مع الكثيرين غيري ..
خلال الساعات الأولى ومع بدء المقاطعة غششت كثيرا .. فكنت استرق النظر للتحديثات في قائمة البلاك بيري .. و اقتحمت تويتر خلسة لأكثر من مرة .. و بصعوبة شديدة تفوقت على نفسي و امتنعت عن عمل " ريتويت " أو كتابة تعليق " على الطاير " ..
بتثاقل مرت الثلاثة أيام و كأنها دهرا بأكمله .. و ما أن انتهت مقاطعتي حتى انقضضت على " تويتر " مثل الفارس الذي استل سيفه عن غمده و راح يصول ويجول في ساحة المعركة .. و أنا أردد : " ياااه .. فاتني الكثير " ..

سأخص هنا مجمل حديثي عن " تويتر "  لما لدوره البارز في جذب جميع الفئات العمرية من أنحاء العالم و قدرته على متابعة مجريات الأحداث في جميع الشؤون السياسية و الإجتماعية والدينية و الإنسانية بخلاف " الفيسبوك " الذي يركز أكثر على التعارف و الصداقات.. هذا كما أرى .

بعد شهر سأكمل عامي الأول و أنا طيرٌ في رياضه .. و رغم بحة تغريداتي المتواضعة  والتي لم تتجاوز الألفين ونصف تقريبا .. إلا أني أجده ساحة شعبية جيدة للتعرف على بعض شخصيات المجتمع و المشاهير في جميع المجالات .. و أكاد أجزم بأنه بات أكثر أهمية من المحطات الإخبارية المتلفزة في نقل الأخبار و تحليلها و فرز المحادثات السياسية و غربلة نتائجها .

مع تويتر نتجاوز هالة الشهرة والأضواء المحيطة بالمشاهير من إعلاميين وكتّاب و فنانين و نلمس بعضا من أعماقهم من خلال ردودهم و نقاشاتهم و تعاطيهم مع المتابعين والتي تعكس لمحات من شخصياتهم الحقيقية .. يُفاجئنا البعض حد الصدمة .. و البعض الآخر يرتفع شأنه و يُثقَلُُ ميزان احترامه و تُدمَن تغريداته .

مع تويتر لا تهم متابعة الأخبار فور بثها على التلفاز  قدر الاهتمام بمتابعة تَبِعاتها و ضجة الآراء التي ستُطرح حولها في رياضه .

مع تويتر بات شكل المربع رمزا جاذبا لحوارات لا تكاد تخلو من الفكاهة و المرح أحيانا و هجمات شرسة أحايين أخرى ..
مربع صغير أشبه ببطاقة دعوة تُدخلنا إلى عوالم أخرى أبعد من تصوراتنا .

مع تويتر أصبح للمفردة أبعادا مختلفة للفهم و الاستيعاب .. أبعادا تتجاوز كونها منظومة من أحرف .. و حتى الحرف أصبح له قيمة بعد أن قُنّن و حُدّدت مساحة مَدِّه .

مع تويتر قامت ثورة و طورد شخص و ارتُدَ آخر .. هوجم كِتاب و انتُقد بهو و سقطت أقنعة .. و كأي مكان في عالمنا غادره أشخاص غيّبهم الموت مُبقيا على أسمائهم ذكرى لنا ..

مع تويتر تبهت الأسماء و الجنسيات و الثقافات حتى تكاد تنطفيء ولا يبقى لنا سوى الأخلاق تضيء و تبرق ..

مع تويتر ضغطة زر واحدة قد تقلب الدنيا رأسا على عقب ..

مع تويتر " الجايّات أكثر " ..

اعتقدت سابقا أنه لو تم حجب تويتر لن يتوقف زحف مواقع التواصل الإجتماعي إلى داخل بيوتنا و حصار حياتنا و سيستمر هذا الزخم من المواقع انهماره و اقتحامه تفاصيل أيامنا .. لن تتوقف الحياة بحجبه  بل ستستمر ما استمر الإنترنت و سيُستَبدل بما هو أفضل .. ولكن .. كنت مخطئة .
تويتر اليوم إنجاز القرن و صوتا لن يُضاهيه أو يعلو عليه صوت .

أختم بتساؤل ما انفك يحاصرني خلال فترة انقطاعي :
مواقع التواصل الإجتماعي هل هي فعلا أسيرة عالم افتراضي تمنعنا تجاوزه شبكة عنكبوتية .. أم هي الحقيقة كاملة ؟؟ ..
الله أعلم .

السبت، 28 يناير 2012

New year غير

New year غير



كنت أتربع أمامه ممتلئة بالملل .. لا جديد فيه يجذب في هذه الليلة الفاصلة بين (أمس) و( بكرة ) .. ليلة قد تبدأ معها حياة .. أو تنتهي ..
استشعر امتعاضي فعرض عليّ جولة أحلق بها إلى عوالم أخرى _ كما وعد _ فوافقت راضخة و متأملة خيرا ..
على عجل حضّرت مشروب المساء ( قهوتي المعتادة ) و تجهزت لهذه الأمسية .. منارتي فيها "بصيص تفاؤل" ..

بدأت تجوالي في ربوع بلادي .. مُدُني الساكنة الهادئة الأشبه بامرأة عجوز متصابية .. ترتدي عباءتها التقليدية المستنسخة منذ أجيال .. بذات الموديل و ذات الطراز و ذات النمط في الارتداء .. هرمة هي و ستبقى هرمة رغم محاولاتها المستمرة للتطور والتجديد إلا أن تقاليد الماضي باتت متأصلة فيها بفرض سيطرة رقيبها الماكنة ..
يُخيّل إليّ أحيانا بأنها تهاب التطور خشية انسلاخها عن أصولها و جذورها مكتفية بتصابيها الممل و الذي بات  محط سخرية البعض ..
لا جديد .. غادرتها ومضيت ..

مررت بحشد من الناس .. جموع غفيرة بفئات عمرية مختلفة .. أطفالا و رجالا و نساء من عدة جنسيات نصبوا خياما بيضاء ترفرف فوق نواصيها أمجاد ثورة .. ثائرين حانقين و معارضين .. نُقش على وجوههم الغضب و خُطّ على أجسادهم تاريخ عُمر .. يتهافتون على غرس شهدائهم بتلاتٍ مزهرة على أنقاض حريق ..سُقياها جداول من دماء .. سألتهم : " ما هي النية ؟؟ " .. أجابوني بصوت واحد صارخ : " الشعب يريد .. وطن جديد  .. الشعب يريد .. وطن جديد" ..
تركتهم خلفي أصفق كفّاً بِخَد على ما آلت إليه بعض الحكومات .. و كَفّي الأخرى رفعته أرتجي النصر من الله ..   

توقفت عند ناصية شارع غريب .. مبهم وعجيب .. فاض بالفتيات .. منهن السمراء والشقراء والبيضاء .. وقفن متراصات بعد أن اصطبغت وجوههن بألوان الطيف .. خلفهن لوحة كتب عليها لغز .. ( مدينة أسوارها خضراء وبيوتها حمراء وسكانها بيض وسود ) .. وقفت برهة أتلصص عليهن من خلف سور .. سمعت صوت أحدهم يتحدث معهن محاولا حل اللغز الصاعق .. الصادم في الموضوع أن الشخص الذي حل اللغز خطئا " عامدا " اختفى خلف جدار وارتدى قناعا آخر ثم عاد إليهن .. و كان جوابه خاطئا أيضا كسابقه .. ثم عاد واختفى خلف الجدار ليتخفى تحت قناع آخر .. أقسم بالله بأنه نفس الصوت ونفس الرجل ولكن بلهجات مختلفة ..
 يا عالم .. هل نحن أغبياء إلى هذا الحد ؟؟ " .. منذ أن تفتقت عيناي عن رموشها و هذا اللغز يتداوله الجميع حتى صار جوابه بديهيا و لا يصعب حله حتى على الطفل الصغير.. البلية ليست في الإجابات الخاطئة .. بل شر البلية في المحاولة الغبية لجذب الجماهير بهذه الطريقة " البطيخية القرعاء " و هذا الأسلوب الفضائحي الركيك ..
طوّقتني نوبة من الضحك أطاحت بي أرضا شدتها .. ضحكت على حال هذه الأمة و صرفها للألوف المؤلفة لإنشاء مثل هذا الشارع المضحك المبكي .. ليس سوى محطة نصادفها عابرين لنتجرع بعض ضحك و نغادر .. كما غادرتهم و أنا أصفع بقهقهتي زيف دعايتهم و سُخف مُمَوّلهم .. و يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ..

توقفت برهة في بيروت .. هذه الفتاة المغناج المدللة .. لا أراها إلا ضاحكة و مستبشرة رغم صِداَماتها  و صَدْماتها ..
كانت هناك امرأة تجلس على طاولة مستديرة و التَفّ حولها لفيف من المشاهير ينصتون إلى حديثها بكل ترقب و توجس .. جئتُ بمقعد و جلست معهم و رحت أنصت لما تقول ..
مجموعة توقعات و تنبؤات للعام القادم بعد دقائق .. بعضها مرعب و الآخر مبهج و الباقي في( علم الغيب !! ) و هل جميع ما تَوقعْتْه و تنبأتْ بحدوثه هو كائن لا محالة ؟!!!!!..
حقيقة تأثرت بما قالته حد تصديقه .. وما أن وصلت إلى هذه المرحلة من القلق قفزت عن مقعدي و بعدت عنهم و أنا اتمتم " كذب المنجمون ولو صدقوا " .. و أتمنى أن لا تصدق توقعاتها المخيفة تلك .. أتمنى ..

و أنا أسير تعثرت بحجر فوقعت أرضا بجانب أحد الأبواب .. لم يستوقفني ألم الوقعة  قدر ما استوقفتني الأصوات الصادرة من ذلك البيت .. بكاء ونحيب .. خبط وخبيط وصراع و عراك .. بيت مشحون بالغضب و الهم والغم والنكد .. ركضت هاربة منهم مثل الهارب من دب أسود و شرير .. و( عشرة ما يلحقوني ) .. هربت خوفا من انتقال العدوى السوداء تلك إلي .
نفضتُ غبار الحَزن عن ردائي و أنا أدعو الله من صميم قلبي أن تتبدل أحوال مجتمعاتنا الخليجية إلى أحسن حال و أن يتغير واقعنا إلى الأفضل لتُعبّر عنه الصور بمرح أكبر و ألوان جديدة أجمل ..

و فجأة لفت انتباهي مسرح للدمى .. اقتربت منه قليلا و أنا أرشف قهوتي على أمل بأن أجد الجديد المتجدد هنا.. ولكن و كما توقعت و مثل ما بدأ مشوار هذا المسرح منذ ما يقارب السبعة عشر عاما و حتى اليوم وهو على ذات المنوال و التقنية .. مجرد دمى ملونة و جميلة صنع بعضها في المكسيك و البعض الآخر في فنزويلا و الجديد الذي انضم إلى رَكْبها هو صنع تركيا .. الصوت يُناقض الشكل .. و الكلام في وادي و حركة الشفاه في وادي آخر ..
لم أتحمل البقاء هناك أكثر .. خفت أن أجن .. فغادرتهم غير آسفة ..

و أخيرا حططت الرحال في دبي .. هذه المدينة التي تنبض بالتطور و ترشف الحضارة من قدح ماضيها العريق .. مدينة لا تهدأ ولا تستكين .. و أكاد أجزم بأنها أبدا لا تنام .. أحبها قدر عرسها اليوم .
اقتحمت تلك الحشود المتناثرة قرب برج خليفة لأقتنص معهم فرصة عابرة و استمتع بوهج الألعاب النارية و احتفال النافورة الراقصة  طربا مع أنغام معزوفاتها الساحرة .
وقفت هناك أرقب ساعة الصفر .. و ما أن ولد العام الجديد حتى اشتعلت سماء الليل قناديل من ضياء .. لمحتُ السعادة على محيّا الجميع  و الأفراح تزغرد مع مباركتهم لبعضهم بالعام الجديد .. و تذكرت حينها ( طراطيع الثوم ) .. ولمن لا يعرفها هي مفرقعات بيضاء صغيرة جدا تشبه إلى حد كبير نبتة الثوم .. ما أن تُقذف على الأرض حتى تُصدر صوت فرقعة خجول .. كنا في طفولتنا نسعد بها و نهاب صوتها .. تُرى ما حجم ذبذباتها مقارنة بزمهرير الألعاب النارية هنا هذه الليلة ؟؟ .. بل ما هو حجم المفرقعات في مهرجاناتنا المتواضعة كشاكلة ( جدة غير ) قبل أن تصبح ( جدة غير قت ) .. ؟؟ ..

هم هناك يسعدون و يفرحون وأنا في مكاني لم أبرح جدران غرفتي ..
ملل .. ملل .. ملل ..
أغلقت التلفاز و تجرعت ما تبقى من قهوتي الباردة على مضض .. و قفلت عائدة إلى قواعد مكتبي لأحيك شبكتي العنكبوتية و أبحر في عالم النت .. هذا العالم الذي أشاهد فيه ما يحلو لي و أختاره أنا  ..
و ليس ما تفرضه علينا التلفزة ..