ماذا لو تم حجب " تويتر " ؟؟ ..
في منتصف الشهر الماضي دار جدلا واسعا في الوسط "التويتري" حول نص قانون يفرض حجب محتوى "بعض" التغريدات في بعض الدول بناءا على طلب من حكوماتها مما أثار حفيظة المغردين و دعاهم إلى مقاطعة تويتر ليوم واحد احتجاجا على هذا القرار .
لست أدري إن طُبّق القانون أو ليس بعد .. أو أنه كان مجرد زوبعة في فنجان ..
دفعني هذا الموضوع إلى القيام بتجربة بسيطة تأكدت من خلالها بأنه لو تم حجب تويتر بالكامل فسننقطع عن العالم بأكمله .
فاحتجبت أنا قبل أن يُحجَبَ عني ..
لثلاثة أيام متواصلة قاطعت تويتر و الفيسبوك .. كما شملت المقاطعة كل من تشملهم قائمة الأصدقاء في جهازي البلاك بيري .. أو كما يُعرف بالـ (bbm ) .. باختصار قطعت كل السبل للتواصل الإجتماعي مع جميع من أعرف من خلال التقنيات الحديثة و الإعلام الجديد .. باستثناء الرسائل النصية و المكالمات الهاتفية ..
قد تبدو فترة الـ 72 ساعة قليلة ولا تكفي لمقاطعة قد تجدي نفعا أو لا .. ولكن لشخص قد اتخذ مواقع التواصل الاجتماعي متكئا له فهذه السويعات ستمر عليه ثقيلة وطويلة .. كما حدث معي بالضبط و يحدث مع الكثيرين غيري ..
خلال الساعات الأولى ومع بدء المقاطعة غششت كثيرا .. فكنت استرق النظر للتحديثات في قائمة البلاك بيري .. و اقتحمت تويتر خلسة لأكثر من مرة .. و بصعوبة شديدة تفوقت على نفسي و امتنعت عن عمل " ريتويت " أو كتابة تعليق " على الطاير " ..
بتثاقل مرت الثلاثة أيام و كأنها دهرا بأكمله .. و ما أن انتهت مقاطعتي حتى انقضضت على " تويتر " مثل الفارس الذي استل سيفه عن غمده و راح يصول ويجول في ساحة المعركة .. و أنا أردد : " ياااه .. فاتني الكثير " ..
سأخص هنا مجمل حديثي عن " تويتر " لما لدوره البارز في جذب جميع الفئات العمرية من أنحاء العالم و قدرته على متابعة مجريات الأحداث في جميع الشؤون السياسية و الإجتماعية والدينية و الإنسانية بخلاف " الفيسبوك " الذي يركز أكثر على التعارف و الصداقات.. هذا كما أرى .
بعد شهر سأكمل عامي الأول و أنا طيرٌ في رياضه .. و رغم بحة تغريداتي المتواضعة والتي لم تتجاوز الألفين ونصف تقريبا .. إلا أني أجده ساحة شعبية جيدة للتعرف على بعض شخصيات المجتمع و المشاهير في جميع المجالات .. و أكاد أجزم بأنه بات أكثر أهمية من المحطات الإخبارية المتلفزة في نقل الأخبار و تحليلها و فرز المحادثات السياسية و غربلة نتائجها .
مع تويتر نتجاوز هالة الشهرة والأضواء المحيطة بالمشاهير من إعلاميين وكتّاب و فنانين و نلمس بعضا من أعماقهم من خلال ردودهم و نقاشاتهم و تعاطيهم مع المتابعين والتي تعكس لمحات من شخصياتهم الحقيقية .. يُفاجئنا البعض حد الصدمة .. و البعض الآخر يرتفع شأنه و يُثقَلُُ ميزان احترامه و تُدمَن تغريداته .
مع تويتر لا تهم متابعة الأخبار فور بثها على التلفاز قدر الاهتمام بمتابعة تَبِعاتها و ضجة الآراء التي ستُطرح حولها في رياضه .
مع تويتر بات شكل المربع رمزا جاذبا لحوارات لا تكاد تخلو من الفكاهة و المرح أحيانا و هجمات شرسة أحايين أخرى ..
مربع صغير أشبه ببطاقة دعوة تُدخلنا إلى عوالم أخرى أبعد من تصوراتنا .
مع تويتر أصبح للمفردة أبعادا مختلفة للفهم و الاستيعاب .. أبعادا تتجاوز كونها منظومة من أحرف .. و حتى الحرف أصبح له قيمة بعد أن قُنّن و حُدّدت مساحة مَدِّه .
مع تويتر قامت ثورة و طورد شخص و ارتُدَ آخر .. هوجم كِتاب و انتُقد بهو و سقطت أقنعة .. و كأي مكان في عالمنا غادره أشخاص غيّبهم الموت مُبقيا على أسمائهم ذكرى لنا ..
مع تويتر تبهت الأسماء و الجنسيات و الثقافات حتى تكاد تنطفيء ولا يبقى لنا سوى الأخلاق تضيء و تبرق ..
مع تويتر ضغطة زر واحدة قد تقلب الدنيا رأسا على عقب ..
مع تويتر " الجايّات أكثر " ..
اعتقدت سابقا أنه لو تم حجب تويتر لن يتوقف زحف مواقع التواصل الإجتماعي إلى داخل بيوتنا و حصار حياتنا و سيستمر هذا الزخم من المواقع انهماره و اقتحامه تفاصيل أيامنا .. لن تتوقف الحياة بحجبه بل ستستمر ما استمر الإنترنت و سيُستَبدل بما هو أفضل .. ولكن .. كنت مخطئة .
تويتر اليوم إنجاز القرن و صوتا لن يُضاهيه أو يعلو عليه صوت .
أختم بتساؤل ما انفك يحاصرني خلال فترة انقطاعي :
مواقع التواصل الإجتماعي هل هي فعلا أسيرة عالم افتراضي تمنعنا تجاوزه شبكة عنكبوتية .. أم هي الحقيقة كاملة ؟؟ ..
الله أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق