كان ذلك الشيء الساكن بجانب قلبه و يلتحف حضنه .. محور النقاش الدائم في أي مكان يتواجد فيه .. في العمل .. و البيت .. ومجالس الأدب والثقافة ..
سر كامن يحيط به ..
هو عادي في نظر الآخرين .. و في قلبه هو ذكريات جميلة وماضي مندثر ..
كأنه الأمس يوم نجاحه في الصف السادس الابتدائي و ركضه إلى جَدّه يحمل شهادته ويلوح بها مرددا بصوت الفرح و الانتصار .. " جدي أنا نجحت ".
وما كان من جده إلا أن أدخل يده في جيبه وناوله إياه مقبلا خده الغض وبحنوه العذب أسرّه حديثا : " يا فارس .. احتفظ به .. هو لك هدية وتذكار.. اجعله رفيقك الدائم أينما كنت وخط به سنوات عمرك القادمة واجعله شريك أحلامك وطموحاتك .. ليكن شمعتك المنيرة ومستودع أسرارك وصديقك الصدوق الذي تبوح به بما يخالج نفسك .. هو لك رمز حب وأمنيات صادقة بالتوفيق والنجاح .. عاهدني يا فارس بأن تحافظ عليه دائما وأبدا .. و أن تتذكر جدك العجوز على مرّ الأيام " ..
حتى اليوم ما يزال فارس يتذكر تلك الكلمات رغم مضي خمسة وعشرين عاما .. رحل جده عن الدنيا عندما كان عمر فارس خمسة عشر عاما .. رحل الجد وبقيت هي ..
هدية عُمر ..
مضت السنوات و شبّ فارس .. كان يمر العام وتليه أعوام يحقق فيها النجاح تلو نجاح .. يرافقه هذا الشيء ليس كوصية جد فقط بل لأنه يحبه .. وجد فيه وفاء الصديق ورفيق الطريق و المشوار .. حليفه في الدراسة و قنديله في أشد الليالي حلكة وسوادا عندما كان يستذكر دروسه استعدادا لاختبار ..
طيلة سنواته الجامعية .. يصاحبه في كل نجاح ومع كل شهادة .. و زميلا له في تنقلاته بين أروقة المستشفى ..
اليوم فارس طبيب ناجح يشار إليه بالبنان.
ذات يوم جلس مع مجموعة من الأصدقاء فباغته أحدهم بسؤال .. " ما قصته ؟؟ أخبرنا بالله عليك .. منذ عرفناك وهو معك مثل توأم لك .. تقبض عليه مثل كنز من الذهب تخاف ضياعه .. لماذا ؟؟ "
اعتدل في جلسته وأخرجه من جيبه هامسا بعذوبة ..
" رحمك الله يا جدي ..هذا ليس قلما عاديا .. هو عمرا بأكمله " ..
********************
نُشرت في صحيفة الرياضية السعودية
بتاريخ السبت 27 شعبان 1423
الموافق 2 نوفمبر 2002
سر كامن يحيط به ..
هو عادي في نظر الآخرين .. و في قلبه هو ذكريات جميلة وماضي مندثر ..
كأنه الأمس يوم نجاحه في الصف السادس الابتدائي و ركضه إلى جَدّه يحمل شهادته ويلوح بها مرددا بصوت الفرح و الانتصار .. " جدي أنا نجحت ".
وما كان من جده إلا أن أدخل يده في جيبه وناوله إياه مقبلا خده الغض وبحنوه العذب أسرّه حديثا : " يا فارس .. احتفظ به .. هو لك هدية وتذكار.. اجعله رفيقك الدائم أينما كنت وخط به سنوات عمرك القادمة واجعله شريك أحلامك وطموحاتك .. ليكن شمعتك المنيرة ومستودع أسرارك وصديقك الصدوق الذي تبوح به بما يخالج نفسك .. هو لك رمز حب وأمنيات صادقة بالتوفيق والنجاح .. عاهدني يا فارس بأن تحافظ عليه دائما وأبدا .. و أن تتذكر جدك العجوز على مرّ الأيام " ..
حتى اليوم ما يزال فارس يتذكر تلك الكلمات رغم مضي خمسة وعشرين عاما .. رحل جده عن الدنيا عندما كان عمر فارس خمسة عشر عاما .. رحل الجد وبقيت هي ..
هدية عُمر ..
مضت السنوات و شبّ فارس .. كان يمر العام وتليه أعوام يحقق فيها النجاح تلو نجاح .. يرافقه هذا الشيء ليس كوصية جد فقط بل لأنه يحبه .. وجد فيه وفاء الصديق ورفيق الطريق و المشوار .. حليفه في الدراسة و قنديله في أشد الليالي حلكة وسوادا عندما كان يستذكر دروسه استعدادا لاختبار ..
طيلة سنواته الجامعية .. يصاحبه في كل نجاح ومع كل شهادة .. و زميلا له في تنقلاته بين أروقة المستشفى ..
اليوم فارس طبيب ناجح يشار إليه بالبنان.
ذات يوم جلس مع مجموعة من الأصدقاء فباغته أحدهم بسؤال .. " ما قصته ؟؟ أخبرنا بالله عليك .. منذ عرفناك وهو معك مثل توأم لك .. تقبض عليه مثل كنز من الذهب تخاف ضياعه .. لماذا ؟؟ "
اعتدل في جلسته وأخرجه من جيبه هامسا بعذوبة ..
" رحمك الله يا جدي ..هذا ليس قلما عاديا .. هو عمرا بأكمله " ..
********************
نُشرت في صحيفة الرياضية السعودية
بتاريخ السبت 27 شعبان 1423
الموافق 2 نوفمبر 2002
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق