السبت، 19 مايو 2012

قل لي لمن تقرأ .. أقل لك من أنت


قل لي لمن تقرأ أقل لك من أنت
 
بقلم: العنود السعد
كنت دائما أفخر بذاتي حينما يصفني البعض بـ " مثقفة " .. فأتخيلني أقبع في ذلك الليوان الفسيح محاطة بجهابذة الفلاسفة والمثقفين نرتدي نظارات بعدسات سميكة يتسع خلفها محيط الأعين و يتضاعف حجمه عن الطبيعي .. و تتناثر حولنا الكتب والمجلدات في جلسة أدبية ثقافية أفخر بكوني أحد أطرافها ..
و لكن .. و عندما يصبح الواقع مخالفا للخيال و طامسا لأجمل معالمه لا أملك إلا أن أردد " نعم .. هنا السعودية " ..
لست بسلبية ولا متشائمة ولا نابذة لمجتمع ولدت فيه وعشت فيه ونشأت داخل محيطه و أفخر بأني منه .. لكن أنتقد ما آلت إليه ثقافتنا الغرّاء و ما وصلت إليه بعض العقول ..
ما دفعني لكتابة هذا المقال هو " اشمئزازي " من ما تابعته وتابعه الكثيرين غيري من معركة حوارية ومشادة كلامية بين اثنين من أعلامنا " الثقافية " تحديدا الكاتب صالح الشيحي والروائي عبده خال و بالتأكيد تلك المداخلة الهاتفية الصادمة للكاتب أحمد العرفج .. و يا لهولها من مداخلة مشحونة بالتحدي .. وبالطبع لا أنسى ذكر الطعام و البوفيه الذي اعتبره العرفج جُلّ هم المثقفين في الملتقيات الثقافية ..
لن أصف ما سمعت فقد سمعه الكثير ولن أزيد عليه .. ولكن السؤال الفارض نفسه بلا هوادة " هل هذا ما آلت إليه ثقافتنا السعودية ؟؟ " .. مجرد تكرار لكلمتي ( خزي و عار ) ؟؟ و حتى اليوم لا استطيع أن أجد تفسيرا محددا للخزي والعار الذي شاهده الشيحي في ذلك البهو الذي أصبح في يوم وليلة مزارا شعبيا في مخيلة المشاهدين الذين ما انفكوا يتخيلون الحدث الجلل الذي حدث في تلك الليلة ..
أو أن الثقافة هي تتبع لعورات الناس و تفسير تحركاتهم و تصرفاتهم وفق ما نفكر فيه نحن و ليس كما هي في الواقع ؟؟ ..
إن كان هذا حال بعض مثقفينا فلا لوم ولا عتب على القراء والمتابعين .. فقبل هذه الحادثة بفترة وجيزة عصفت في موقع تويتر عاصفة من نوع آخر .. أطرافها كتاب فارغ للكاتب و الاعلامي تركي الدخيل والطرف الآخر عدد مهول من القراء والمتابعين ..
سأغض الطرف عن مسألة مدى تقبلي لفكرة الكتاب أو رفضي لها و سأتحدث عن ما آلمني مما رأيت وقرأت في ذلك الهاشتاق التويتري .. والهاشتاق لمن لا يعرفه هو مربع صغير شبيه بساحة كبيرة تجمع أناسا من مختلف الجنسيات و الثقافات والأعمار يطرحون فيه موضوعا معينا يخص شخصية ما او حدثا معينا او قضية محددة .. و تمتليء تلك الساحة بالتغاريد .. بعضها أشبه بترانيم البلابل و بعضها لا مرادف له و لا وصف سوى تسميته ( نعيق غربان ) ..
على مدار أسبوع كامل لم يكتفِ التويتريون بنقد الكتاب الفارغ بل تعداه إلى شن الهجوم القادح لشخص الكاتب تركي الدخيل بكلمات جوفاء تتخطى حدود النقد الهادف و تخالف آداب الحوار ..
مأخذي الوحيد على الكتاب الفارغ هو صدوره في مجتمع لا يتقبل الجديد .. ولا يقرأ ما بين السطور حتى وإن لم يُكتب سطرا واحدا في تلك الصفحات البيضاء .. مجتمع _ ويا للأسف _ يصطاد في الماء العكر .
تنوعت الهجمات و تشكلت وفق أدمغة القراء و مفاهيمهم و تنوعت بتنوع مفرداتهم و أقاويلهم .. فتارة تُنتقد الفكرة و تارة يُشتم الكاتب .
فكرت يومها بأن أقتني كتابه الفارغ لسبب واحد فقط .. سأخط فيه كلمة شكر له من صميم قلبي .. سأكتب : " شكرا لأنك بكتابك الفارغ أثبَتّ لي بأننا شعب الله المختار في ضحالة الثقافة و انعدام الاحترام .. شكرا لهذه الصفحات البيضاء التي لوّثتها نقاطا سوداء في تاريخ ثقافتنا و مثقفينا .. شكرا لهذه المساحة الفارغة لأبصم فيها بالعَشرة بأننا لن نتغيّر و لن نتطور .. و أن الفراغ هو في تلك آلعقول التي نخرها الخواء و اعتلاها صدأ الجهل .. شكرا لك " ..

بعد هذه الأحداث المتتالية اقتنعت بأنه ليس مهما ما نقرأ .. المهم أن ما نقرؤه يهذبنا ..
و ليس مهما لمن نقرأ .. المهم أن يستحق فعلا لقب " مثقف " ..

كلمة أخيرة ..الثقافة هبة من الله و أخلاق و تهذيب و حسن معاملة قليل فقط من يتشرف بنيلها..








مقالي المنشور في " المفكرة الإعلامية " ..
http://www.themedianote.com/article/245/%D9%82%D9%84-%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%85%D9%86-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%A3-%D8%A3%D9%82%D9%84-%D9%84.aspx



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق